الاثنين، يناير 11، 2010

وصية شرقي في لحظة عشق






أُكْتُبْ يا قلبُ على الثلجِ فلِمَ الوَرَقُ

وصيَّةً كُنتُ أخشاها وأنتَ تَحْتَرِقُ


أُكتبْ فإنّ الشِّعْرَ يولَدُ مِنْ مِحْنَةٍ

وإنّ القوافيَ مِن فَجرِ الحُزنِ تَنْبَثِقُ


دَع عَنكَ وَهْمي فَإنّ الوَهْمَ مُرْتَحِلٌ

وَإنْ لَمْ تُفْرِغ جَوْفَكَ سَوفَ تَنْفَلِقُ


ما لي أرى مَنْ سَكَنَتْ روحيَ أحرُفُها

وبرَّاً ونُطْقاً وديناً واحداً نَعْتَنِقُ


تَصْبو الهَجْرَ حيناً والحِرْمانَ تَفْرِضُهُ

والنّومَ والأحلامَ منْ عيْنَيّ تَسْتَرِقُ


عندَ الصّباحِ تَملأُ الكوْنَ بَسْمَتُها

وعندَ المَساءِ فجأةً كالأغرابِ نَفْتَرِقُ


وما أنْ يَسْدِلَ اللّيْلُ أوسطَ ستائِرِهِ

تأتيني والحنينُ يغمُرُها وألأعذارَ تَخْتَلِقُ


وجَهيشُ أنفاسِها يَقِضُّ سُكونَ ليلَتِنا

ودَمْعُ شَوْقٍ أْسوَدٌ مِنْ مُقلَتَيْها يَنْزَلِقُ


وأنا كالطِّفْلةِ المَحْرومَةِ حُباً أُدلِلُها

أواسيها وأُحاذِرُ أنْ يُدْرِكَني الغَرَقُ


فمِنْ ذِراعٍ الى ذراعِ تارةً أنقُلُها

وإغراءُها يَخْنُقُني ومنْ إغرائِها تَخْتَنِقُ


وفي لحظةِ حبٍ نارُ الشَوْقِ تُلْهِبُنا

وإذْ بالشِّفاهِ بِحَرٍ على الشِّفاهِ تَلْتَصِقُ


كَفى ! أصيحُ بها مِنْ قلبٍ يؤلِمُني

فبعدَ القُبلَةِ يموتُ الحُبُّ عَبَثاً ويَحْتَرِقُ


وتَنْفَضُّ أحْلامُنا وأشواقُنا في تيهِ لحظةٍ

وتتعَبُ ضمائرُنا آثمةً وتَفْتَرِقُ


فالجِّنْسُ مقبَرةٌ للحُبِّ الطّاهِرِ ومَشْنَقَةٌ

على شواهِدِها أشواقُ العُشّاقِ تُشْنَقُ


فالحُبُّ كالماءِ العذبِ حينَ نَفقدُهُ

ظَمَأً تَظَلُّ الشِّفاهُ لهُ عَطْشىً تَرْتَمِقُ


مصطفى خبايا


7/1/2010

إغضب كما تشاء

إغضبْ كما تشاءْ

وامْحو السَّعادةَ والهناءْ

لا عادَ يُغريني حفلٌ تَدعوني إليهِ

ولا عادَ يُغريني عَشاءْ

ولا قارورةُ عطرٍ

ولا ثوبٌ ولا رداءْ

ما عاد قلبي كالإناءْ

تارةً تَشربُ مِنهُ

وتارةً تُلقيهِ بالفِناءْ

وما الحُبُّ لديكَ إلا

كلمةٌ مِن "حاءٍ وباءْ"

إصرَخْ كما تشاءْ

ما عادَ يَحْمِلُني شيءٌ عليكَ

لا أرضٌ ولا سماءْ

ولا حُبٌ باتَ أَرَقُّ مِنَ الطِّلاءْ

قُمْ وَمَزِّقْ مكاتيبَ الهوى

وأبْدِلها مكاتيبَ العَزاءْ

ولا تُقايِضْني بها ..

ولكَ الثَّناءْ .. .

إغضبْ كما تشاءْ

فما عادَ قلبي يَحْتمِلُ العَناءْ

ولا عادَ حِضْني يَحْتَمِل الجَّلاءْ

كُنتَ بِعهدِكَ لي وَرداً تَزْرعُني

وتَحْصُدُني كِبْرياءْ

واليومَ تَزْرعُني خريفاً

وتأملُ أنْ أكونَ شِتاءْ ؟

إغضبْ كما تشاءْ

واطْرُقْ البابَ وانصَرِفْ

ولا تنظُرْ الى الوَراءء

فآخِرُ المَطافِ أنْ تَعودَ إلَيَّ

أنْ تَعودَ أنَّى أشاءْ

وتَسْتَسْمِحُني وأنتَ واقفاً

وتَتَباكى وأنتَ بإنْحِناء

وتَأتيَني بألفِ أَسَفٍ

وألفِ عُذْرٍ

وألفِ إدِّعاءْ

وتقولُ كانَتْ تِلكُ لَحْظَةَ غَضَبٍ

لَحْظَةَ سُكْرٍ وغَباءْ

مَنْ غيْرُكِ يُعْذِرُني ومَنْ

يَمسحُ الحُزنَ عَنّي والشَّقاءْ

إغضبْ فكُلما زادَ الغَضَبُ

سَتَعرفُ ما قيمةَ النِّساءْ

وتعلمُ أنّكَ قد أوشَكتَ على الإنتهاءْ

إغضبْ كما تشاءْ

فإن الطَّلقةَ إذا خَرَجَتْ

أبداً لنْ تُعودَ إلى الوراءْ

مصطفى خبايا

20/11/2009

لا حياة لمن تنادي

ألا رُدّي بقَوْلِكِ واصْدُقيني
فالمَوْتُ ضَيْفي بَيْنَ الحينِ والحينِ
ما عادَ فِيَّ أسْرارٌ أَكْتُمُها
ولا عادَتْ أشْواقي تُخْفي حَنيني
ولا عادَ صَبْري يَحْتَمِلُ آلامي
ولا عادَتْ آهاتي تَكْتُمُ أنيني
تَعِبَتْ مِنَ الأعْصابِ أعْصابي
وأَبَتْ غَيْرُ نيراني أنْ تُرْويني
وَسَئِمَتْ مِنَ عَيْنَيَّ أهْدابي
وأبَتْ أحْزاني فِراقَ شَراييني
ألا رُدّي فَخَيْرُ القَوْلِ ما قَلَّ وَدَلَّ
وخَيْرُ الرَّدِّ ما لأحْزانِيَ يُنْسيني
فالسَّيْفُ حينَ يُسْتَلُّ لا يَقِدُّ غِمْدَهُ
وغَيْرُ السُّمِّ مِنَ السُّمِّ لا شَيْءَ يَشْفيني
أُنْطُقي قَليلاً مِنَ الياقوتِ يا إمْرأةً
تارَةً صَمْتُها يَقتُلُني وتارَةً يُحْييني
أُنْطُقي يا مَنْ ذَهَبَتْ بَعيداً وَتَرَكَتْني
على نارِ الفِراقِ بِسَلاسَةٍ تُسْويني
مصطفى خبايا
10/12/2009

يا قلباً

يا قلبُ لا تَأسَفْ على مَبْكاكَ

إنَّ الذي بالأمسِ أضْحَكتَهُ

هوَ الذي بالحالِ أبْكاكَ

فلا طولُ الزَّمانِ عادَ لهُ أمانٌ

ولا قِصَرُ الزَّمانِ عادِ بِهِ مُناكَ

كمْ قصوراً مِنَ الآمالِ بَنَيْناها

وحدائقُ شوقٍ رَوَتْ مِنْ دِماكَ

وحنينٌ وأنينٌ ليلاً شَدَّنا إليْهِ

ونورُ الفَجْرِ يَشِعُّ مِنْ ضُحاكَ

إنَّ الذي باللَّيْلِ أضْحَكْتَهُ

هوَ الذي باليومِ أَبْكاكَ

عُدْ إلى الأحْشاءِ كما كُنْتَ

ساذجاً طًيباً فالأحَقُّ بِكَ أَحْشاكَ

أيْنَ الأمانيُّ أيْنَ الهَوى أيْنَ مَنْ كانَ

بالأمسِ يُكَحِّلُ العَيْنَ بروحِ صِباكَ

فلا حبيبٌ ظَلَّ ولا صَديقٌ ولا

قلبٌ ولا عَيْنٌ ذَرَفَتْ لِفُرْقاكَ

إرجِعْ هزيلاً إلى الجَوانِحِ يا قلباً

فالذي أفْدَيْتَهُ مَلَّ دُمْيَتَهُ ورَماكَ

وأنتَ مِنْ شَرايينِكَ بالهوى مُعَلَّقٌ

وتَرُشُّهُ عِطْراً وَوَرْداً فيُهديكَ أشْواكا

عُدْ إلى الأحْشاءِ يا قلباً

فَأَسْوَأُ ما بالبَطْنِ خَيْرٌ

مِمَّنْ بالظَّهْرِ خِنْجَراً أهْداكَ

مصطفى خبايا

9/12/2009

لحظة إنكسار

كم أحتاج الى تلك اللحظه التي يؤخذ بها الحديد الخام فيُصهَر ويُصهَر ويُصهَر فيستحيل سائلاً بُرتقالي اللون وهاجاً جذاباً يُشعُ نوراً ويُسكَبُ بسلاسةٍ ليُصبح تلك الورود والطيور والأزاهير الحديدية التي تتزين بها القلاع والبوابات الفخمة والشبابيك والصراح العمرانية . . ..

وكم أحتاج الى تلك اللحظة التي يؤخذ بها الحديد الخام فيُسَخَّن ويُسَخَّن ويُسَخَّن فيستحيل عجيناً معدنياً داكن اللون يكاد يومِضُ بخفاتةٍ فيؤخذُ ويُطرقُ ويُطرقُ ويُطرقُ بين سدانٍ من جلدته ومطرقةٍ من جلدتهِ أيضاً ليصبح تلك السيوف وتلك الحراب وتلك الرماح وكل أدوات القتل . . ..

كم أحتاج الى تلك اللحظة التي تحول ما بين المزاج والمزاج . . ..

مصطفى خبايا

18/11/2009

جاءت معزيتي

جاءت مُعَزِّيَتي
جاءتْ مُعَزِّيَتي مِن خَلْف ِالبِحارْ
جاءتْ تُواسيني تُسْمِعُني الأفكارْ
تارةً تُسْعِدُني وتارةً تُرْهِقُني
وتارةً تَنْقُلُني مِن نارٍ الى نارْ
تَشُدُّ مآزِري وَتُطَيِّبُ خاطِري
وحُزْناً تُنْسيني وتُهْدِيني الأقمارْ
تَمسَحُ مَدامِعي وتُشْبِكُ أصابِعي
وقِصَصاً تُحَدِّثُني وتَقْرَأُ الأشعارْ
تُرَمِّمُ صِراحي وتُلَمْلِمُ جِراحي
وتَزْرَعُ ليَ الأُفُقَ وُروداً وأزْهارْ
فأدرَكْتُ بَريقَها وَشَمَمْتُ رَحيقَها
وَعَبْقُ عِطْرِها زادَني إنْهِمارْ
أَخْفَيْتُ لَها حَنيني وَكَتَمْتُ لها أنيني
وقلبي بِها هائِمٌ وعَقلي بها مُحْتارْ
نارُ شَوْقٍ تَحْرِقُني وَغَدْرُ الغَيْبِ
يَقْتُلُني وأنا مُتَأرْجِحٌ بَينَ ثَّباتٍ وانْحِدارْ
أأضُمُكِ يا بدرَ اللَّيالي وَوَميضَ آمالي
يا يداً تُنْقِذُ غَريقاً بَعَثَتْها الأقدارْ
يا ألْفَ زَهْرةٍ يا ألْفَ وَرْدَةٍ ويا
ألْفَ لُؤلؤةٍ تَسْتوطِنُني كالمَحارْ
قالتْ: دَعْكَ مِنّي إنّي بقلبيَ مُرْهَقَةٌ
لا حُبَّ يُفْرِحُني لا غَيْثٌ ولا أمطارْ
لا باقةَ وَرْدٍ تُلْهِمُني لا عِطْرَ يَجْذِبُني
لا شيءَ يُسْعِدُني لا خاتَمٌ ولا سِوارْ
دَعْكَ منّي فإنّي مِنْ نَفْسي مُتْعَبَةٌ
وفي داخلي زَوْبَعَةٌ أمْسَتْ إعْصارْ
أَعْلَمُ أنّي جِئْتُكَ خالِيَةَ القلْبِ مُحَطَّمَةٌ
أُواسيكَ وَكُلِّي أسىً وَكُلّي إنْكِسارْ
وَدَمْعٌ أسْودٌ يَجتاحُ مُقْلَتَيَّ بِحَسْرةٍ
وأنْفاسي خَفَّاقَةٌ والرأسُ أوْشَكَ الإنفجارْ
فَمَدَدْتُ يدِي مُسْكِتاً ثَغْرَها بِلَحْظَةٍ
وَضَمَمَتُها مُطْفِئاً ما بِها مِن نارْ
فقالتْ: ما جِئْتُ أواسيكَ وإنَّما لتواسيني
ولُوْ لَمْ تفعل لَكُنْتُ على شَفا إنهيارْ
مصطفى خبايا
14/11/2009

تراهاتٌ وهرتقة

هيَ تُراهاتٌ وكلماتٌ تَتَبَعْثَر

وأفكارٌ وأمنياتٌ تَتَبَخَّر .. .

حينَ أقولُ :

لونُ السَّماءِ أخْضَر

وأني أحِبك أكثرَ وأكثر

وحينَ أقترِبُ مِنك شِبراً

يُصْبِحُ البُعْدُ أكبَر .. .

وحينَ أُهْديك حَمَامةً بيضاءَ

أو وردةً حمراءَ

يَستحيلُ لونُها أغبر .. .

هي تراهاتٌ

لا سماءَ تُمطِرُها

لا حَدائقَ تُنبِتُها

ولا عطرٌ ولا عَنْبَر .. .

وحينَ تسقُطُ ورقةُ التُّوتِ

أُدرِكُ أنَّ المأساةَ

أعظمَ وأكبر .. .

والحُبُّ الذي سَكَبْتُهُ

والوردُ الذي أهْدَيتُهُ

صارَ خريفاً أصْفَر .. .

لَمْ يَبْقَ مِنك إلا حَنانٌ

وَذِكرَياتٌ .. .

وَحَجَرُ مَرْمَر .. .

يَتَصَلَّبُ في أوْرِدَتي

ويَنْمو مِن دَمِيَ الأَحْمَر .. .

وآخِرُ هَرْتَقَةٍ مُتَمَرِدَةٍ

أنْ أكْتُبَ فيك شِعْراً

وأسْتَعْصِرك حِبْراً

وقلمٌ ودفتر .. .

مصطفى خبايا

14/11/2009

هذيان ايلول


دَعيني أهذي وَحدي دَعيني

على فِراقي لا تُوَدِّعيني

كَم حُمِلَتْ بالتَّوابيتِ رجالٌ

ما أعادَتْهُم صَرَخاتُ المودِّعينِ

وكَم نُثِرَتْ على قبورِهِمُ وُرودٌ

ما نَفِعَتْهُمُ أكاليلُ اليَاسَمينِ

دَعيني أهذي وَحدي دَعيني

فَأقَلُّ ما بالمأساةِ أنْ تَسْمَعيني

وأَصْعَبُ ما بها أنْ يُعيدَكِ حَنيني

دَعيني أسْتَوْدِعُكِ حياً

فَإنْ مِتُّ لَنْ تُوَدِّعيني

وكما فَوْقَ التُّرابِ كنتِ

تَحْتَهُ تَبْقينَ في شَراييني

مصطفى خبايا

10/11/2009














يا من

يا مَن بحُبِهِ هِمْتُ وأهامَني

تقول مُرْهَقٌ وأنتَ الذي أرْهَقْتَني ؟

بِهَجْرِكَ تَجرَحُ عُروقَ دَمي

وأنتَ بها ساكنٌ وإليها تَنْتَمي

كم مِن قُبْلاتٍ مَسائِيةٍ أرسلتُ إليْكَ

فَهَجْراً وجفاً وحِرْماناً أَهْدَيْتَني
مصطفى خبايا
11/11/2009

حين أحبك

حين أحبك بقلبي أعلم أنني سأتعدى كل حدود الشاعرية .. . وأحبك بهَيَام
وحين أحبك بعقلي أعلم أنني سأتعدى كل حدود العقلانية .. . وأحبك بجنون
فكيف حين أحبك بقلبي وبعقلي معاً ..؟؟
عندها أعلم أن لا شيء من الحب بقي لأهبك إياه .. .
مصطفى خبايا
10/11/2009

هل تذكرين؟

هل تذكرين ؟
هل تذكرينَ يا غالية
تلك الليالي الخوالِيَ
حينما مِن بُعدِكِ
ناري تَحرقُ نارِيَ
والشوقُ إذْ ينتابني
شوقٌ ياي بُركانِيَ
وكم أُجِّجت في قهوتي
أمواجُ تيمٍ عاتِيَة
هل تذكرين كم ساعةً
مرَّت بنا كالثانية
كم بسمةً في رسمِنا
للخدِّ ألواناً زاهية
والريحُ تحمِل كوخَنا
من رابيةٍ لرابية
والطّيرُ يشدو حولَنا
فَوْحَ العُطورِ الشاذية
خُضْرُ الكرومِ تحفُّنا
وكذا القطوفُ الدانية
هل تذكرين يا غالية
تلك الليالي الخالية
حين موسيقى حُبِنا
ألحانُ شَوقٍ قانية
شفقٌ نرى ألوانَهُ
لونٌ بكِ ألوانِيَ
فنكتفي في حُلمنا
تُسقى بها أحلامِيَ
مصطفى خبايا
4/11/2009

حنينُ مرهَقٍ

عشرون عاماً في زورقِ العشاقْ

ولا زلتُ أجهلُ الأسطولا ....

عشرون عاماً والطوقُ بالأعناقْ

ولا زال السَّيفُ مسلولا ....

راحتي بين الإنهاكِ والإرهاقْ

والموتُ كالجَّنَّاتِ مأمولا ....

عشرون عاماً وقلبيَ المشتاقْ

جاهلٌ بالعشقِ ومجهولا .....

صفصافتي تُبَدَّلُ الأوراقْ

وتَحِنُّ للورقةِ الأولى ....

مصطفى خبايا

20/10/2009

لفرط ما عشقتك

لفرطِ ما عشقْتُكِ
تقلبت حياتي
وتغيرت قوانيني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
هدأت أمواجي
وحُشِدَت مياديني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
سَكَنَتْ عواصفي
وخَمَدَت براكيني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
ذبلت أشواكي
وأزهرت رياحيني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
إخضَوضَرت أحراجي
ونبتت رياعيني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
جرت أنهاري
وشذا يَساميني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
سكنتِ في روحي
تجولتِ في جسدي
وجَرَيتِ في شراييني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
مشيتِ في أعصابي
رقصتِ مع أهدابي
شربتك في شرابي
قرأتك في كتابي
شرَّعتكِ في براهينيي
لفرطِ ما عشقْتُكِ
عشقْتُكِ حتى النخاع
عشقْتُكِ حتى الصراع


عشقْتُكِ بكل إقتناع
عشقْتُكِ حتى الضَياع
فأختلت موازيني
لفرطِ ما عشقْتُكِ
عشقْتُكِ حتى الشجون
عشقْتُكِ حتى الجنون
عشقْتُكِ حتى المنون
فكان فرطُ ما عشقْتُكِ
كفرطِ ما عليكِ أهُون

مصطفى خبايا
23/9/2009

وجبة سحور دسمة

وجبة سحور دسمة . ..

اعتدتُ أن تكون وجبة سحوري خفيفة جداً

وغالباً أن تكون من التمر أو الحلاوه

إلا أنني في هذه السنة تحديداً قد ابتعدت عن الحلاوه لأنها تحولت الى " مرارة وحسرات" ,
قـَطْعا ً !

في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان كنت أشاهد التلفاز صدفة ً والذي حُرِمتُ من
مشاهدتهِ منذ الحرب على غزه , وبينما أنا كذلك, إذ بمذيعة الجزيره تقدم لي وجبة دسمة جداً لأتسحر عليها . ..

كانت الوجبة الدسمة مكونة من خبرين غنيين بالفيتامينات من فيتامين A حتى الفيتامينZ.
الخبر الاول مفاده كالتالي :
" في إحدى الدول الإسكندنافية قام المزارعون بسكب حصيلتهم اليومية من الحليب في الحقول
والتي تقدر بآلاف الليترات من الحليب, إحتجاجاً على قيام الدولة بتخفيض سعره للمستهلك " ,
وقد رأيت العشرات من الجرارات الزراعية وهي تجر خلفها خزانات الحليب العملاقة
وتسكبها بالحقول وقد تحول لون الحقول الى الأبيض يمتزج به القليل من لون التراب .

وجبة غنية بكل ما يملكه الحليب من فيتامينات !

أما الخبر الثاني والذي كان أغنى من سابقه بالفيتامينات والبروتينات !

كان مفاده كالتالي :

"حسب تقديرات ومعطيات " الأمم المتحده" قد تجاوز عدد الجائعين في العالم المليار جائع " !

وبدأَت القناة تبث الصور للجائعين الأفارقة وغيرهم من أنحاء العالم , وقد انتفخت بطونهم من
المجاعات ووهنت أجسامهم وهاجمهم الذباب " السمين" وهو الوحيد الذي لن يجوع أبدا ً في
افريقيا , وترامت بعض الجثث هنا وهناك !

لقد كانت فعلاً وجبة سحور دسمة

فقد حُرِمتُ من الحلاوه ليعوضني الله عنها " بالفيتامينات ".

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين !

مصطفى خبايا

28/9/2009

رحلتي الى بيت المقدس 1

كان ذلك يوم الخميس العاشر من أيلول سنة ألفين وتسعة والمصادف العشرين من رمضان سنة ألف وأربعمائة وثلاثين هجرية .

الساعة كانت قريبه من الواحدة والنصف ظهراً , والشمس معلقة في كبد السماء تسطع حرا ً أكثر مما هو نوراً.

ومثلما يقولون " الروح متربعة على رأس الانف" من شدة الحر ومن تداعيات الصيام.

كنت في حالة ملل ٍ من لا شيء, او لنقل من شي هو نفستي المُتعَبة والمُتعِبة, ولربما أضفى عليها الصيام شيئا ًمن الصبر هو ما يواسيني لأن أحتسب وأصبر بكلا الحالتين.

وبينما انا أتنقل من شارع الى شارع في بلدتي أقضي وقتي بين صلاتي الظهر والعصر مستعيناً بمكيف السيارة ليخفف عني مشقة الحر والصيام ,إذ بثلاث باصات تستعد للأنطلاق إلى القدس ويتجمهر حولها العديد من ابناء بلدي وأقاربي وهي تنقل ضمن مشروع مبرمج لتعزيز الرباط والتواصل وتكثيف التواجد للمسلمين بالقدس .

فخطرت ببالي فكرة الإنضمام اليهم وهي فرصة قلّ ما تتلائم مع وقتي وظروفي.

فورا ً قررت أن أسافر إلى القدس بتلك الباصات ومع اولائك الناس الذين يبدو انهم أعدوا العدة والمتاع وشدّوا الرحال وجهزوا انفسهم كما اعتادوا والصيام يُضفي الى وجوههم سمحة ايمانية تزيد من اشراق وجوههم المبتسمة فرحاً بالسفر الى القدس أو لنقل تحديدا ً إلى المسجد الأقصى .

بيتي قريبٌ جداً من هذا المكان الذي تقف به الباصات والذي يتجمهر به "المؤمنون"

فقررت أن" أقفز" الى الي البيت وأحضر كاميرا وبعض الحاجات واهمها مبلغاً محترماً من المال ليس هذا الذي أحمله في محفظتي لأني "مُسرف" من الدرجة الأولى بالمشتريات مما هبَّ ودبَّ ويقيناً مني أنه لا يكفيني ما بمحفظتي .

عدت الى الباصات بعد حوالي عشر دقائق فلم أجد أيا ً منها ....

لقد بدأت سيرها نحو القدس

فأسرعت بسيارتي آملا ً ان أَلْحق بهم قبل أن يتعدوا حدود البلده ويدخلوا الطريق السريع مما قد يستحيل عليّ ايقاف سيارتي والصعود الى الباصات .

لكن حظي كان وافرا ً هذه المره وقليلاً ما أكون ذا حظ ٍ وافر ٍ في مجريات أموري, كان الفضل يعود للسيارة لسرعتها وقوة زامورها المزعج الذي أجبر الباص على التوقف , او لنقل لتهوري بالسياقة .

أوقفت سيارتي بجانب الطريق داخل البلد وصعدت الى باص " المؤمنين " وما أن دخلت الباص حتى بداتُ أستسمح الجميع عذراً لتصرفي هذا وان الدافع كان ضيق الوقت الذي حسمَته بضع دقائق لا أكثر , فما كان من الغالب إلا أن قالوا أنَّ الأمرَ طبيعي ودارج ولا يستدعي ذلك الأسف مما عزَّز ثقتي بنفسي.

بدأنا طريقنا من بلدتي داخلين ممر الملوك والقياصرة والفراعنة عبر التاريخ الغابر, انه طريق " وادي عاره", الذي يَتَصَوَّرُ لي دائماً أنه مرصوف بعظام ملايين الجنود والعبيد والمظلومين على مر التاريخ.

لقد بدأ الهدوء النفسي يعود إليّ تدريجا ً, وكلما تقدمت عجلات الباص, تراجعت عندي تيارات الملل التي تجري بعروقي وتجرفني الى الأحباط غالباً.

بدأت مشقة السفر تثلج صدري وهواء المكيف يبرد جسمي .

نساءٌ يُثرثرن وأطفال يتمازحون ورجالٌ النائم منهم والمحدث والشارد ذهنه كما هو حالي, ولكن سرعان تدخل " شيخ الباص" أو لنقل المسؤول عن ترتيب الرحله وسفر الباص, سرعان ما قطع الضجيج بدعاء السفر معيداً الهدوء الى الجميع ومحدثاً الايمان الى قلوبهم .

أركنت رأسي ما بين شباك الباص وبين وسادة الكرسي بشكل مائلٍ متأملا ً المناظر التي نمر بها من قرى وادي عاره ومعالمها الجغرافيه والبنائيه ..

متأملا ً اللوحات الربانية التي خلقها الله في فلسطين,والتي قليلاً ما تسنح لي الفرصه بتأملها لأنني حين أمر من هذا الطريق أكون سائقاٌ لسيارتي الخصوصيه ولست راكباًاح في باص كما هو الحال الآن, بدءً بوادي عاره وامتداداً بالطريق السريع الجديد والذي يُدعى " عابر اسرائيل" والذي نهب إنشاؤهُ أراضي الفلسطينيين العرب بالداخل والضفة , آلاف الدونومات صودرت كي يقام هذا الطريق والذي أنظر أنا الى إنشائه من دوافع سياسية وأمنية وليست تطورية اقتصادية فقط .

هذا الطريق يقسم فلسطين الوطن الى شطرين من الشمال حتى النقب بالجنوب لذلك نرى معظم تضاريس فلسطين الجغرافيه به ونشعر بمناخها المختلف والمتقلب على امتداد هذا الطريق .

فلسطين الغاليه ..

فلسطين الأم التي ترضعنا ترابا ً وتطعمنا زيتاً وزيتوناً وتحتضننا شهداء ..

فلسطين الوطن الذي يسكننا ولا نسكنه ...

فلسطين الحبيبه ..

من المؤكد أن رحلة كهذه لا بد أن تستفز الايمان والوطنية سوية ً, أينما أنظر يميناً أو شمالا ً أرى معالم وطني , فأوقن كل اليقين أن لكل رابية هنا أو هناك قصة بطولية , أوقن أن خلف تلك الروابي والهضاب استأسدت يوماً الأطفال والشباب والرجال والنساء , وتمردت الحجارة وناحت الحمائم .

الآن وقد قطعنا حوالي الخمسين كيلومترا ً تواجهنا من الجهة الشرقية إحدى المدن الفلسطينية العملاقة , انها مدينة طولكرم الشماء وتتوارى خلفها بالأفق الباهت جبال السامره وبعمق تلك الجبال جبل النار نابلس .

تمتد مدينة طولكرم كرابية مسطحة تكسوها البيوت وتعلوها المآذن , فكما لكل رابية قصة بطولية فهنا لكل بيت قصة بطولية أيضا ً والحقيقه أن لكل بيت فلسطيني نفس الشأن.

" حيث ألتفِتُ أرى ملامح موطني وأشم في هذا التراب ترابي "

كلما تقدم الباص الى القدس كلما هاجت داخلي نار الشوق .... ليس للقدس فحسب إنما أشتاق الى تلك الأيام الغابره التى كان للعربي المسلم أن يفتخر بعروبته وفحولته,الى تلك الأيام التي لم تكن معروفة ً بها أمراض تشنج الرقبة و إنحناء الظَّهر و"الروماتيزم " و"الديسكات" التي تجتاحُنا اليوم لكثرة الهزائم , فرؤوسنا مطأطاة وأرقابنا ملتوية , لا انتصارات نسطرها فتُقَوِّمَ ظهورَنا ورقابنا وتشرح صدورنا .

الطريق يأخذ بالإنحدار تدريجيا ً ونحن نتجِه جنوبا ً فلا زالت الهضاب والروابي تغطي الجهة الشرقية والسهولُ المنخفضة تغطي الجهة الغربية وتنتشر عليها المستوطنات الاسرائيلية والمصانع والحقول وتحلق فوقها آلاف الأرواح من اللذين استشهدوا أو ماتوا من أصحاب تلك الأراضي المغتصبة منذ العام 1948.

بدأنا بالإقتراب من مشارف القدس والتي تبعد عن مركز القدس أو المسجد الأقصى حوالي خمسة عشر كيلومترا ونحن بين المنحدرات والمرتفعات الملتوية , وأينما ننظر نرى الأشجار حافةً طريقنا يمنة ً ويسرةً وكأنها تظللنا مما يزيدنا ايمانا ً وطمئنينة ً ورونقا ً وبالتأكيد يزيدنا حسرة ً لأن هذه المنطقة ورغم قدسيتها وقدسية فلسطين كلها لا زالت " مغتصَبة " وأن الملايين من المسلمين والعرب محرومون منها.

على أطراف هذه المشارف المطرزه بعشرات الآليات والمعدات العسكرية الأردنية والعربية المدمَرة منذ العام 1967 أي منذ سقوط القدس , استأسد الرجال والنساء يوما ً دفاعا ًعن القدس , وهذه الآليات لا زالت شاهدة على تلك المعارك , علما ً أن الحكومات الأسرائيلية هي من يحافظ ويصون هذه الآليات والمعدات العسكرية كشاهدٍ على انتصاراتهم يوما ً وعلى هزيمة العرب دهراً, فأتصور كيف دارت تلك المعارك وكيف استبسل أولائك المجاهدون, كيف ودعوا أطفالهم وأهاليهم وجدران بيوتهم وربما حفنوا من تراب حدائقهم واشتموا دخان " طوابينهم " قبل أن يستشهدوا.

الطريق الى القدس مليء بالمآسي, مليء بالحسرات, مليء بالشهيق والزفير والدموع.

كل هذه المناظر والتأملات استرقت الغالبية من " المؤمنين" مما جعل الباص وكأنه دون ركاب, أو لنقل جعلتهم بحالة من الإسترخاء والتأمل والأمل ....

لقد اتسم العمران والبناء بالقدس بطابع خاص ومميز عن سائر البلدات والمدن في فلسطين المحتلة وهو " بناء الحجر " المستخلص من الصخور الطبيعيه فقط .

اذ أن القانون يجبر السكان على تصفيح بيوتهم بالحجر فقط كما ويجبر البلديه بالقدس على تصفيح الجدران والأماكن والبنايات العامه بالحجر فقط ,مما يزيد جمالها ويؤكد عروبتها رغم أنوف الغاصبين .

دقائق ومئات الأمتار تفصل بيننا وبين أسوار القدس ...

تبرد النسائم وتسخن الأشواق ..

أشتم بين الحين والحين عبق وطني الحقيقي ..

اللافتات العربيه تغطي زوايا الشوارع وكذلك الاسماء الاسلامية والكلمات ...

وأخيراً نصلُ الى مفترق طرق وشارة ضوئية تزينه هيبة سور القدس العظيم

تزينه الوجوه السمحة ن المصلين والسكان والزائرين لِما داخل السور ..

تزينه عروبة القدس وإسلاميته ...

يصطف الباص بجانب السور المحاذي لطريق منخفض يصل الى " واد الجوز"

ويتهاتف "المؤمنون" وهم ينزلون منه :

الحمد لله , ما شاء الله , ها قد وصلنا , بيتنا وبلدنا الأول,

مرددين :

آيبون ... تائبون ... عابدون ... لربنا حامدون .....

(يُتبع) ان شاء الله

مصطفى خبايا 

11/9/2009

مرفأ الأحزان

مرفأ الأحزان

في ذلك المرفأِ سفنٌ ترسو

وجيوش تتقهقرْ

في ذلك المرفأ نوارسٌ تَنعِقُ

وأرواح تتبعثرْ

وقواربُ حزن ٍ تطفو

ودموعٌ تتبخرْ

صواريٌ محطمةٌ

شراعاتٌ ممزقةٌ

ونسائمٌ تتحسرْ

مناراتٌ خافتة ٌ

وأمواجٌ تتعثرْ

أفراحٌ به تغرقْ

وآمال تتبخرْ

مياهه ُ سوداءُ

صخوره صماءُ

شطئانه ُ مَحْجَرْ

ألحانه ُ خرساءُ

أطيافه ُعمياءُ

لا شيء بهِ أخضرْ

لا شمسَ تُضيئه ُ

لا قمرَ ينيرُهُ

والصّمتُ به يَزخرْ ... .

كان ذلك المرفأ يوما ً

حياة ً كلُها حياةْ

أسوارُه مُزينه

أرضُه مُلونه

رمالُه ورداتْ

يَشِعُّ نورُ وجهِهِ

وتشرقُ الوجناتْ

الشرقُ كان مدَّهُ

الأفق كان حدُّهُ

جيرانه نجماتْ

كان ذلك المرفأ يوما ً

أطيافُه من نورْ

سكانهُ فراشاتٌ

عبقُهُ بخُّورْ

آمالُهُ عطرٌ

ألوانُهُ زهورْ

صدرُه رَحبٌ

قلبُهُ حبٌ

رملُهُ بَلّـور ... .

كان ذلك المرفأُ يوما ً

ملجأ النّسائمْ

يضمُّها , يشمُّها

يُهديها الحمائمْ

دمُـهُ مشرَبُها

وعروقُهُ مطاعم

حنانُهُ مَأمنُها

ومسكنٌ دائمْ

على ذلك المرفأِ فجأه

تتمرد النسماتْ

صارت قطا ً يهاجمُ

وتتوالى الهجماتْ

فأصبحت عاصفةً

إخمادُها قد فاتْ

تلهو بعنفوان ٍ

وتُعاوِدَ الكرَّاتْ

حتى أحالتهُ مرفأ ً

الحُزنُ صار شكلَه ُ

الحُزنُ صار لونَه ُ

حياتُه ُ حَسَراتْ ...

مصطفى خبايا

13/9/2009

هستيريا

هيستيريا ....

أخرُجُ من البيت وكأنني أصطنع البسمة

والحقيقة أنني عصبي المزاج أحيانا وكل ذلك منوط بما يدور حولي أو يدور في ذهني

لا أدري الى أين ذاهب

أتهم السياره بأنها نحس حين لا تعمل من محاولة التشغيل الاولى أو الثانية

فأضرب المقود بعصبية وكأنني أنتقم من كائن حي ولكن سرعان ما أكتشف أنني لم أُدخل الرقم السري الصحيح او حتى أنني لم ألمس الأزرار قطعا ً مما يزيد عصبيتي ويذكرني بغبائي المؤقت فأعود لأضرب الموقد مرة أخرى .

أشعر بالإحباط .. بضيق الدنيا ...وبحاجتي لأن أجتاز هكذا مواقف

لا أدري هل أنا أقود السياره أم أنها هي التي تقودني ..

حيث تسير أسير ..وحيث تتدحرج العجلات لا أتردد

حفر في الطريق أو أزمة سير أو سائق غبيٌ أو حتى أي شخص أعتبره مشمئز كل ذلك يزيد من عصبيتي ...

أمُر بمن أمُر من معارفي وما زلت أصطنع البسمة

أتجاوز الجميع بسرعة لا أريد أن أخاطب أحدا ً,لا أريد أن أقابل أحدا ً

كل ما أريده هو ذالك الأمر الشاعري الذي يطفئُ عصبيتي التي تتحول تدريجيا ً الى غضب من حظي ومن نفسي وحتى من ذبابة قد أخطأَت طريقها ودخلت سيارتي .

آخذ بالتذمر من أي شيء وربما من كل شيء ...

من سائق ٍ آخر أو من عابر سبيل ٍ قد يكون أحق مني بالعبور

فتارة ً أتهور بالسياقة وأسرع وأخرى أتماطل بشرود ٍ ذهني قد يذهب بي اللى الهلاك في أي لحظة ...

وبين الحين والحين أُشعل سيجاراً يستمد ناره من نيراني التي تحرق نيراني

كلها عصبية ... كلها تهور ... كلها .....تمرد على الذات .

فجأة ... أدرك أنني أتصرف بجنون ٍ وليس بعصبية ..

فأحاول أن ألجم نفسي وأكتم تنهداتي التي تنتابني بجميع أنواعها

المتذمرة والطويلة والقصيرة والمفعمة بدخان السيجار والأهم من كل ذالك هي تلك التنهدات التي تذكرني بذلك الأمر الشاعري وتشعرني بالإحباط والفشل فتحول تنهداتي الى شهيق وزفير عنيفـَين ...

فأعود أدراجي الى بيتي متقهقرا ً .... والسم يُستقطَرُ من عينَيَّ

فيصبح الشوق بداخلي غليلا ً يُكبِّلُ مشاعري الفياضة .

تتحول العصبية الى جنون أولي ..

أوقف السيارة وقفة ً استفزازيةً ..

أنزل منها كالمسموم والأعصاب والتوتر يتحدان ليُكَوِنان عنصراً خطراً اسمه الجنون

أصعد سلم الدرج بسرعه كي لا يستفزني أحدٌ بنظرة ٍ أو كلام ٍ أو حتى بسلام ٍ يطرحهُ عليَّ ...

أطرق باب البيت محاولا ً كتمَ مزاجي ونفسيتي التى بدأت تُحَوِّل العصبية الى جنون وإقناع نفسي أنني هادئ بعض الشيء ...

أسرع الى غرفتي وأستوطن بها ...

أبدأ بالتحرش بأي شي قد يضايق تحركاتي داخل الغرفة من اثاث وما شابه ذلك

أو حتى من الهواء الذي دخل ليُبَرد ناري

تحولت العصبية الى جنون والجنون الى هيستيريا ....

فتارة أمسك رأسي ضاما ً شعري الى مركز الجمجمة وكأنني أستنفر آخر ما قد يُهَدئ جنوني

وتارة ألكـُمُ هذا الحائط أو ذلك الرف بمكتبتي ... أو أركُلُ الكرسي أو أي شيءٍ يواجهني .

يأخذ ُ الأدرينالين يتسارع بجسمي ويغزو دمي وجهي ليضيف إليه هيئة الحانق . ..

عندها أدرك أنني بحالة هيجان قد تعدت العصبية أو دخلت الجنون

أسرع الى صنبور الماء لأغسل وجهي .. فتستقبلني المرآة بنفس الوجه ونفس الحالة وكأنها جاءت تستفزني من جديد

أو جاءت لتقول لي أن هناك من هو بمثل حالي بهذه الدنيا ....

أغسل وجهي مرة وإثنتين وثلاث مرات حتى يبرد

أسرع الى الثلاجة لأشرب ماءً باردا ً يطفئ ظمأي وجنوني سوية ً

عندها أوقن بأنني كنت بحالة هيستيريا ....

هيستيريااااااااا...

إن لم أطفئها أحرقتني أنا, وقد تمتد نيرانها الى من هم حولي دون ذنب إقترفوه .

أعود الى غرفتي وقد تآكلتُ من الداخل وأستعصرُ بقايا أعصابي كي تقاوم أعصابي مهدئا ً نفسي .

أستلقي على سريري منكبا ً على وجهي تاركا ً الحذاء برجلي متجاهلا ً كل سلوكيات النوم وآداب المسكن

أسترخي من جديد ..

أستنزف الهدوء من شراييني ....

أسيطر على أعصابي .... مادا ً يدي الى جهاز ال "ستيريو" أتسرق أي أغنية لفيروز تساعدني أن أهدأ .....

حاليا ً اصطنع الهدوء كي أهدأ

وأصطنع السكينة كي أنام

أستقر... وأشرد بذهني من جديد مقنعا ً نفسي أن الفشل ليس أزلي إنما هو حال مؤقت

أستمد مواساة نفسي من نفسي .... وأقول أن ذالك الأمر الشاعري الذي أهلكني لايستحق كل هذا....لا...لا يستحق

ذالك الأمر الشاعري هو " نظرة " الى عينَي حبيبتي تُطفئ ناري وتروي ظمأي وتُحيي آمالي .

أحاول إقناع نفسي أن نظرة إلى حسناءَ أخرى قد تعوضني عن تلك النظرة الى حبيبتي .. .

أحاول إقناع نفسي أن لكل أمر بالدنيا بديل .. .

أحاول إقناع نفسي أن الذي خلقها خلق غيرها ومن هي أجمل منها .. .

أحاول إقناع نفسي بكل ما قد يزيل هذه الهيستيريا ولا يعيدها إليّ ...

والحقيقة أنني إقتنعت بشيء واحدٍ ....لا غير ..

أقتنعت بأنني أحبها ..

وأن حسناوات العالم كلهن لا يعوضنني عن جمال روحها الذي أحببته ..

وأن روحي تعانقها بأي حال أكون به ...

بهدوئي وجنوني ...

بثورتي واستسلامي ..

ببسمتي ودمعتي ...

بمحياي ومماتي .....!

فجأة .... أستنفرُ ما تبقى من قواي فأخلع حذائي وأستلقي كالمهذب

وأتحسس ال "ستيريو" كي تصدح اغنيه لفيروز تبدد ذالك الهدوء وتحوله الى هياااااام

لكن ......

ونتيجة خطأ بالتحسس والتشغيل على ال " ستيريو" صدحت تلك الأغنية التي بددت الهدوء وحولته الى بركان إستسقى حممه من شراييني وأخرجها من قلبي ونثرها في روحي ..

تلك الأغنية ....

" بدي شوفك كل يوم يا حبيبي .. ولا تغيب عني ولا يوم يا حبيبي .."

انهارت أعصابي من جديد ..!

هيستيريا ... تتلألأ في محيط الغرفة ...!

هيستيريا... إسمها " ؟؟؟ " وأعتبرها آمال

مصطفى خبايا

12/8/2009

العُمْر

بالماضي : ألم ومآسٍ وجروح

حب وأعباء وأسرار وتراهات وقروح

طفولة وولدنة وشباب كعمر نوح
......................
اليوم : سذاجة وبساطة مطروحه
ومودة وشفافية والأمور مفضوحه
ورجولة ورشد والعمر على شفا أرجوحه
غدا : ذكريات وأحاديث وخرافات كلها مسموحه
وكبَرٌ وخرَفٌ و"أولزهايمر" والذاكرة ممسوحه
وما العمر إلا غرفة أبوابها مفتوحه
......................
مصطفى خبايا
22/8/2009

ابتسامة طفل

كنت جالساً أنا وأحد أصدقائي نشاهد مباراة كرة قدم في ملعب حينا, وكانت هذه المباراة ضمن مباريات دوري عائلتنا التى تحييه في كل شهر رمضان من كل عام , حيث تقوم لجنة العائلة المكونة من عشرة أشخاص بالتنسيق والإعداد والتوجيه والدعوى لهذا الدوري المشرف الذي حاز على صخب إعلامي وذاع سيطه بالبلد كلها بل تجاوز الاعلام المحلي ليتحدث عنه الكثير من ذوي الاهتمامات الرياضة والاجتماعية وكنت انا عضواً في هذه اللجنة , فأخذنا أنا وصديقي نتحدث بأمور هامة والحقيقة انه لم نتابع المباراة رغم أهميتها وأهمية انتمائنا لعائلتنا ولإنجاح هذا الدوري إلا ان موضوع الحديث الذي بدأنا به كان أكثر أهمية بالنسبة لي من الدوري على الصعيد الشخصي .
جلسنا جانباً نتحدث بموضوعنا والحقيقة انه قد تنحينا بعيداً عن مدرج الملعب كي يتسنى لنا الحديث بحرية واستيعابٍ وبعيداً عن الضوضاء التي يحدثها جمهور المتفرجين .
في بداية الأمر انتقدت نفسي لأنني أبعدت عن اللجنة أو على الأقل عن الجمهور اذ انني اعتبرت تصرفي غير مسؤولٍ وظننت ان عشرات العيون ستنظر الي بانتقاد لأنني أبتعدت انا وصديقي وجلسنا بزاوية الملعب , إلا ان وطيس نار المباراة جاء لصالحي حيث استرق كل العيون وابقاني أشعر بالطمئنينة من نظرات الغير.
وما أن بدأنا حديثنا انا وصديقي واحتدم النقاش بيننا لأهمية الموضوع وكنا نظن انفسنا اننا أبتعدنا عن كل الضجيج , إذ بعدة أطفال لا يتجاوزون العشر من أعمارهم يحضرون علبة كوكاكولا فارغة ويبدو أن لهم دوري "كرة كولا" خاص بهم , وبدأوا يصرخون بجانبنا وضجيجهم غلب ضجيج الجمهور البعيد شيئاً ما وصوت دحرجة "كرة الكولا" أزعجنا وخاصةً أنا فقد شعرت ان هذه العلبة المعدنية تتدحرج داخل أذني وتقرع على طبلة أذني .
هذا الامر أزعجنا جداً فقد شتت حديثنا وأتلف موضوعنا لدرجه أنا لم نعد نفهم بعضنا بالحديث ولدرجة أفقدتنا أعصابنا والقدرة على مزاولة الحديث , فشعرت أن صديقي يهم ليضرب الاطفال أو ليطردهم أو ليشتتهم كما شتتوا حديثنا .
ايقنت انه واجب علي انا أن أقوم بدلاُ منه وذالك لربما لمعاملتي الحسنه مع الغير والأفضل من معاملته.
فقمت وطلبت من الاطفال بالحسنى والاستلطاف ان يبتعدوا قليلاً عنا كي نستطيع التحدث وانهم أزعجونا بشدة , وما كان الرد من احدهم إلا انه صدمني بكلماته ولهجته ووقاحته وسوء أدبه , وتطاوله علينا بالكلام والتهجم .
الحقيقه انه صعقني بتربيته هذه فأدركت ان صديقي سيقوم ويؤدبه بالضرب فأسرعت ومسكت الطفل من كتفه ونفضته ولربما آلمته من ممسكه ووبخته وأسمعته كلمات ادبية شعرت انها نُقشت في دماغه , واخذت علبة الكولا ورميتها بعيدا , فما كان من الاطفال الا ان تفرقوا وبقي الطفل "الوقح" وحده.
أمعنت النظر قي ذالك الطفل وكانت نظرتي اليه نظرة تمشيط لملامحه وما قد يجوب في داخله, فشعرت أنه تجمد من كلماتي التي وجهتها اليه وسرعان ما شعرت انها آتت اكلها وقد استوعبها .
أيقنت أن وقاحته ما هي الا حصيلة تربيته البيتية وان الطفل هذا أوعى من جيله وان الكلمات سرعان ما دخلت رأسه وشعرت انني غيرت بداخله كثيراً من الامور ولربما للأحسن .
تجمد الطفل مكانه واعاد إليّ نظرةً عميقةً قد استرقتني اليه وأشعرتني بأنه نادم لأسلوبه معنا بالكلام وليس نادماً لأنه لعب ب"كرة الكولا" .
أخذ الطفل يتنفس أسرع مما كان عليه وكأنه قنبلة موقوتة ليجهش بالبكاء أو الصراخ أو الفزع ....إلا انني استبقته وحضنته وتبسمت في وجهه كي أمتص كل ما بداخله من كبت وقلت له :
أتريد مباراتي ب"كرة الكولا" ؟
فقال : لا ... أنا آسف عمي لأنني تطاولت عليكم بالحديث
فقلت له : لا يهم لا يهم لقد تجاوزنا هذا الامر.... هل تريد مباراتي؟
فقال : ربما لاحقاً ....
أيقنت ان الطفل فعلاً أوعى من جيله وحساس وقابل لأي معاملة يتربى عليها.
أخذت بيده وذهبنا الى "الكشك" القريب ....وسألته ماذا تريدن تأكل أو تشرب؟
فتردد ....ورأيت عينيه تغرقان ب " علبة الكولا " الموجودة بال"كشك"
فسألته كم عدد من كان معك من الاطفال فقال انا وخمسه
فتناولت ست علب من ال"كولا" وقلت له هذه لك ولأصحابك وتناولت لي ولصديقي عصيراً آخراً نشربه.
رافقت الطفل عائدين الى الزاوية حيث كنا, وكان صديقي بانتظاري وأصدقاء الطفل بانتظاره ايضاً , فبدأ الطفل يوزع الغنيمة على الاطفال وبدأ الأطفال يتشكرونني وأخذوا غنيمتهم وابتعدوا .. ..
ناولت صديقي عصيراً ليشربه وأنا كذالك وباشرنا حديثنا بهدوء جزئي ربما
وما ان انتهينا من شرب العصير محاولين العودة الى نقطة الحديث من حيث توقفنا مستذكرين تلك النقطة ...وإذ بحوالي خمسة عشر طفلاً يتراكضون بجانبنا وبين أقدامهم خمس "كرات كولا" , يتراكضون غير آبهين بنا أو بما حدث آنفاً ...فأخذنا انا وصديقي بالضحك المفرط ولم نتوقف وفجأة توقفت عن الضحك واسترقت النظر الى الاطفال محاولاً البحث عن ذالك الطفل "القائد".. ..فلم أجده وامعنت النظر مرة أخرى مدققاً بهم باحثاً عن الطفل فلم أجده وصديقي ما زال منهمكاً بالضحك غير آبه هو الآخر بما أفعل أنا .
فقمت من مكاني باحثاً عن الطفل واقتربت من جمهور المتفرجين مهتماً بالبحث عنه فلم أجده ....
أدركت انني تعلقت بذلك الطفل مؤقتاً ... فأخذت ابحث عنه في الجهة الاخرى للمدرج وهي جهة ال "vip" أو زاوية الشخصيات المهمة حيث كان من الواجب عليّ انا ان اكون بها في كل مباراة مع لجنة الدوري وفجأة وقع نظري على ذالك الطفل يجلس هناك وبجانبه أعضاء اللجنة وعدد من أطفالهم , يجلس بالمكان العاشر المخصص لي كعضوٍ عاشر باللجنة , فانتابتني قشعريرة هزت كياني وأغرورقت عيناي تغزوهما حروقة تخرج من أنفي
فأسرعت الى ذالك الطفل القائد الذي أشعرني أن له مستقبل عظيم أنا أتمناه له أيضاً وحضنته مجدداً وأجلسته في حضني بنفس المكان غير آبه بأعضاء اللجنة وبمعاتبتهم لي أنني لم أطرح عليهم السلام وأنني قد تأخرت بالقدوم اليهم أو قد استخففت بهم ...
وما زال يحمل علبة الكولا الخاصة به وقد شرب جزءً منها فقبلته من جبينه قبلةً مقدسةً أستشعرها بين الأب وإبنه وقلت له :
حين تنتهي من شربها سنخوض مباراتنا انا وانت داخل الملعب ولكن ب " كرة قدم " عاديةٍ , تلك التي يلعب بها اللاعبون الآن . . ...
فرأيت ابتسامته تكاد تشطر وجهه الى شطرين أفقيين .... وفرحته لم تسعها الأرض ومد يده مصافحاً وقال :
اتفقنا ...
مصطفى خبايا
9/9/2008